Skip to main content
A room of one's own
7 min read

مسابقة الشعر

Credits Text: Doaa Abou Shaghibeh November 29 2018

من لايستطيع أن يفهمك ويجد نفسه مضطرا أن يتعامل معك فمن السهل عليه أن يضعك في إحدى قوالبه الجاهزة ثم يكون عليك أن تتقلص أو تزداد حجما لكي تلائم هذا القالب المعد مسبقاً لمن هم مثلك .

أما من لايستطيع فهمك وليس مضطرا أن يتعامل معك فسيقوم وبكل بساطة بتجاهلك وإقصاءك بعيدا

( وهنا مربط الفرس)

لاتحبسني في صورة !"
الناس لايغادرون الصور
وانا أحتاج أن أرقص
تتلبسني روح إفريقية
عارية أدور في الغرفة
أراقص السرير
الكراسي
الطاولة
الحائط
وأخيرا أخيرا أصبح عندي مرآة
أراقص المرآة

to masturbate…"

في عام 1988 حلت اللعنة على أهلي حين ولدت، كنت أنثى لعائلة تقليدية متدينة جدا كما ان لها أصول بدوية حيث انهم يعتبرون الأنثى عبارة عن وصمة عار ثم وكما عبرت عن ذلك في واحد من نصوصي الشعرية

" ولدت على شواطىء المتوسط واهداني الله قفص"

حيث أن هناك مكان في هذا العالم الكبير اسمه (غزة)،تحكمه حماس باستبدادها وعنصريتها وقمعها لأي صوت مخالف، وبالنسبة لأنثى مثلي كان هذا المكان عبارة عن سجن داخل سجن داخل سجن

" سجن غزة الكبير، سجن المجتمع ، ثم سجن عائلتي والذي كان أقسى وأصعب هذه السجون"

تجربتي الشعرية بدأت في سن متأخر نوعا ما، بعد أن أنهيت دراستي في الهندسة المعمارية وأصبح لدي وقت فراغ كبير كنت أستغله في القراءة ومشاهدة الأفلام والكتابة.

حيث بدأت أفكاري تتغير شيئا فشيئا، وأصبحت ساخطة على كل شيء، على قوانين المجتمع التي تمنعني من التنفس وعلى الدين الذي يجعلني مجرد وعاء للرجل وتحت أمره وطاعته، وعلى عائلتي التي تتنظر بفارغ الصبر أن تزوجني وتجعلني ربة منزل، وعلى حجابي هذه القطعة من القماش التي يجب أن أرتديها أينما ذهبت

فقد كنت أريد لشعري أن يتنفس ببساطة، أن يتخلله الهواء، أريد لجسدي أن يكون كاملا ملكي أفعل به ما أشاء.

في منتصف عام 2014بدأت أنشر كتاباتي على موقع الفيس بوك، حيث شكل ما أكتبه صدمة بالنسبة للكثيرين حيث أصبحوا يطلقون علي ألفاظ مثل:

(او كما يقولون شاذة جنسيا) ،عاهرة، ملحدة، زنديقة وغيرها الكثير..)lesbian(

رغم ذلك لاقت كتاباتي إعجابا من البعض وكونت عن طريقها صداقات لازالت مستمرة حتى الآن

إلا أن التأثير السلبي الذي انعكس على حياتي بسبب ما أكتبه كان أكبر، فحين قرات عائلتي ما أكتب ثارت غضبا فضربوني وحبسوني في المنزل وقطعوا عني الانترنت وأي طريقة للاتصال بالعالم الخارجي.

كانت هذه اللحظة التي قررت فيها أن أبحث عن طريقة مناسبة للخروج من هذا الجحيم، وحين قرأت أن مؤسسة القطان قد أعلنت عن مسابقة الكاتب الشاب للعام 2015 لم تتخيلو مقدار سعادتي، قلت في عقلي أخيرا سوف أقدم مجموعتي الشعرية لأشخاص يمكن الوثوق بحسهم الفني وأنهم سوف يقيموني على اعتبارات فنية بعيدا عن أي شيء آخر.

فكتاباتي كما أراها كان بها من الانفعال الشعري ما يكفي لمنع القارىء من التوقف عند المستوى الجنسي او الديني للكتابة

خصوصا إن كان هذا القارىء أصلا شاعر وموجود في مكان حساس لتقييم مسابقة شعرية، فمن المفترض أن يقف على الحياد ويقيمه كعمل فني بحت.

مساء السبت 20/ فبراير/2016 تم الإعلان عن نتائج المسابقة، أصدمت بصدمة وخيبة أمل كبيرة ليس لأني لم افوز بالمسابقة بل بسبب النقد الذي وجهه المسؤولون عن المسابقة لديواني الشعري ، حيث حصل الديوان على مجرد تنويه

تنويه بدون نشر( كان ردهم بالنسبة لي كالآتي: نحن نعتقد أن هذا اليوان مختلف ولكننا لن نقوم حتى بنشره ! )

http://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=108f982ey277846062Y108f982e

ونوهت اللجنة بمجموعة «من ظمأ إلى ظمأ» لدعاء كامل أبو شغيبة (غزة)، "حيث قدمت هذه المجموعة قصيدة نثر قادرة على استيقاف القارئ، كاشفة عن صوت جريء في حساسيته وبوحه واعترافاته، محاولةً استبطان العلاقة اليومية مع الجسد، وإن كان ثمّة غلوّ في الانشغال بموضوعة الجنس والعبث، بحس يتناوب بين السخرية والسخط والعدمية، حيث يبدي الديوان تماسكاً في قصائده، ولا يخلو من بعض التعابير المشحونة بالموقف الشعري والوجودي من قضايا إنسانية تؤرق مجتمعنا المعاصر."

كان جسدي يرتجف وانا أقرأ ماكتبوه عني لم أجد أي فرق بينهم وبين أهلي والمجتمع وحماس، كنت أشعر بالخوف وبأني منبوذة تماما واكثر ما كنت اخشاه أن يقرأ أي شخص من عائلتي هذا النقد لم أكن سأتخيل أبدا كيف ستكون ردة فعلهم على جملة مثل

" وإن كان ثمّة غلوّ في الانشغال بموضوعة الجنس والعبث"

بعد المسابقة حصل شيء لم أكن أتوقعه

" وهو شيء لا يمكن إغفاله أو المرور دون الإشارة إليه فبعد أيام من إعلان النتائج اتصل بي نضال الفقعاوي وهو شاعر من غزة كان مطلع على تجربتي الشعرية ومن الأشخاص المهتمين بما أكتب كما أنه الفائز بالجائزة الاولى لهذه المسابقة، وأصر على أن أشاركه القيمة المادية للجائزة فمن وجهة نظره كنت أستحق هذه الجائزة أكثر من أي شخص آخر، وبالفعل تم ذلك وقد كان هذا الموقف من أنبل المواقف التي حصلت في حياتي

فهاهو شخص يؤمن بي بهذه الطريقة الجميلة ويحاول مساعدتي بما يقدر عليه

وقد كان هذا ما نشره نضال الفقعاوي 26/2/2016على صفحته الشخصية على الفيس بوك:

"لأن جدران الزنزانة تضيق على أصحابها، والسقف الرطبُ يأكله الفساد. ولأنه ليس ثمة رابحٌ في الشعر، وأن ما يحدث لنا لا يمكن وصفه إلا بالبؤس العظيم. أعلن عدم رضاي عن فوز بعض المجموعات الشعرية بمجرد "التنويه مع عدم النشر"، رغم أنها مجموعات شعرية قيّمة ومغايرة تستحق أكثر من ذلك بكثير. وأود أن أنوّه إلى عدم اعتبار هذا الاعتراض اعتراضاً على لجنة التحكيم، أو القائمين على المسابقة، بل هو اعتراض على الحالة التي وصلنا إليها، وعلى الزاوية التي حُشر فيها المبدع. كما أعلن عدم رضاي عن دور المؤسسات في رعاية الإبداع، تلك المؤسسات التي تضطرنا لأن نلتجئ للجوائز هنا وهناك، كأننا فئران تتسابق إلى قطعة جبن لا تفي بشيء. لذلك كله، ولأنني أشعر بالخجل الشديد مما حدث ويحدث، فإنني سأقوم بدوري الذي أتمنى أن يعبر عن جيل لا ينشد إلا الكتابة الحرة، ولا يتطلع إلا للإبداع الذي يخفف وطأة الحياة. سأفعل ما أستطيعه الآن، معلناً تقاسمي لنصيبي من الجائزة الاولى مع الشاعرة المبدعة "دعاء أبو شغيبة" من غزة"

يوم الاحد 19/6/2016 الساعة السادسة مساء كانت اللحظة التي وصلت فيها إلى رام الله هاربة من كل شيء (السجن الكبير الذي لاحدود له من عائلة ومجتمع وحكومة) كان ذنبي الوحيد أني مختلفة لم اتوقع يوما أن حبي للكتابة والشعر سيكون سبب في كل هذا الاضطهاد الذي عانيت منه .

وصلت إلى رام الله بأحلام كبيرة وكأني أصل إلى الأرض الموعودة أبحث عن الحرية والعدل والإنصاف ,ولكن الأمور لم تسر على هذا النحو إطلاقا أردت ان أواصل الكتابة وأتعلم التصوير والرقص وأشارك في الكثير من النشاطات الفنية وأمارس كل ماكنت ممنوعة منه.

فاصطدمت بمجتمع لايختلف عن مجتمع غزة كثيرا إلا أنه أشد قسوة خاصة على فتاة وحيدة تماما.

فبالنسبة لهم أنا مجرد هاربة من منزل عائلتها وبالتالي فريسة سهلة يمكن استغلالها بكافة الأشكال

يا إلهي ( ها انا عاهرة مرة اخرى..!)

عملت في كل شيء لأتمكن من الحياة خادمة في منازل الأغنياء ،جليسة أطفال، كاشير وغيرها كثير، وتعرضت للاستغلال والتحرش والتعامل بعنصرية، حتى أن أصحاب العمل اضطروني لأن أعمل ساعات إضافية, كذلك في الإجازات والأعياد بحجة أنه ليس لدي عائلة لأقضي وقتي معهم كباقي زملائي في العمل.

ومن فترة ليست بالقصيرة عشت شبه مشردة بسبب سوء الاحوال المادية لا أجد مكان لأنام فيه، ورغم كل هذا لازلت حتى هذه اللحظة أؤمن تماما أنني أستحق افضل بكثير وأنني يوما ما سوف يتم التعامل معي بعدل وإنصاف وسيتم تقدير ما أكتبه والتعامل مع تجربتي أنها تجربة تستحق ان ينظر لها بعين الاعتبار فهي تجربة فتاة قوية لازالت تستطيع أن تقف على قدميها وتقاوم.

أو كما تقول سيلفيا بلاث

"سيكون لك يوم اثنين أبدي

وستقفين في ضوء القمر.."

الجدير بالذكر بأنني شاركت أيضا في مسابقة الفنان الشاب لعام 2018 وتم رفضي، وفي إقامة فنية تسمى إبداعات في الهوامش وتم رفضي أيضا.

حاولت أن اتواصل مع أشخاص من داخل المؤسسة لأعرض عليهم ما اكتبه فقط ، فقوبلت بالرفض، حاولت أن اعرض كتاباتي على دور نشر وأشخاص مهمين في الوسط الثقافي وكان الرد في كل مرة كالتالي

" بأنهم في غنى عن إثارة المشاكل وأن ما أكتبه أكثر صراحة من أن يتقبله المجتمع، وعرضوا أن ينشروا لي بشرط أن أعدل مما أكتبه او أحذف ما ليس مناسبا في رأيهم، وهذا ما لا يمكن أن يحدث أبدا.!"

Like what you read?

Take action for freedom of expression and donate to PEN/Opp. Our work depends upon funding and donors. Every contribution, big or small, is valuable for us.

Donate on Patreon
More ways to get involved

Search