التحديق في مرآة فارغة
مساء الخير أيُّها الكائن المسخ،
أنا لم أحدِّثكَ عن اليأس،
أن تعيرَ عنقكَ لفكرةٍ تتدلى من سقفِ رأسكَ مثلَ مشنقة!
في المساء
يبتلعُني الفراغُ،
ولا شيءَ يحدثُ غيرَ عقاربِ الساعة،
الزمنُ فكرةٌ مبهمة،
والفضولُ سمٌ أزرق.
وأنا لا شيءَ ينتظرني ولا أنتظرُ أحداً!
هل جربتَ أن تدخلَ حقلَ مرايا من قبل؟
وأن ترى صرختَكَ صورةً تتكررُ بشكلٍ لا نهائي،
قبل أن تصمتَ فجأةً.
"اليوم ،بينما كنتُ أنظرُ في المرآة، حلّقت غِربانكَ في جسدي"
لم أستطعْ عدَّها،
ابتلعها الفراغُ قبل أن أفعل،
في الحقيقةِ لم يعد هناك سوى الفراغ،
وغربانٌ حلَّقت منذ لحظة.
التعري،
فكرةٌ كئيبةٌ،
تذكرني بالموتِ المحتملِ في نزوةٍ مازوشيةٍ،
أو بالإختناقِ خلالَ ممارسةِ "العادة السرية"
لكنكَ مختلفٌ يا صديقي،
لقدَ فقدتَ لسانكَ
ولا مشكلةَ في أن أحدّثكَ أو أن أتعرى أمامكَ.
أعلم أنه ليسَ غريباً عنكَ أنني أتحدثُ عن الموتِ مجدداً،
جسدي أنا سيكون وجبةً سيئة للتراب،
فأنا لا آبه بفمه الفاغر أبداً،
سأسخر منه:
"هذه نكهةُ الرغبةِ المعلَّبة،
وقد انتهت صلاحيتها للتو"
لكن مجردً التفكيرِ في ذلك يشعرني بالهيجان:
"سيد موت، أنت لستَ سوى مسخٍ قزمٍ لديهِ أجنحةٌ صغيرة،
يعزفُ على الساكسفون،
ويداه الصغيرتانِ تتقنانِ المداعبة
لنحاول معاً أن نخلقَ نكهةً للرغبة،
رغبةٌ مفتوحةٌ على الفراغ"
(قزمٌ يلعقُ أذني،
يهمسُ لي بكلماتٍ قذرة،
يشعلُ سجائري،
وأنا أحكُ جسدي من الأسفل)
ومرةً أخرى سينتهي الأمرُ دونَ أن أحصلَ على أورجازم،
أنتَ تديرُ وجهكَ المرتبكُ عني،
وأنا أرسمُ ابتسامةً ساخرةً وأراقبُ جسدكَ الضئيلُ يتلاشى في المرآة.