Skip to main content

قصيدة النثر النسوية العربية والأردنية


تعتبر الأردن من الدول العربية التي لم يمر عليها الربيع العربي ولم تتأثر المملكة الهاشمية والنظام بقي محافظا على استقراره. الشاعرة الاردنية والباحثة في علوم الأدب مها العتوم تؤكد في مقالتها ان الشعر في الأردن كما في اي مكان تأثر بالربيع العربي رغم ان البلد لم يعش الحالة كما في الدول الأخرى. تؤكد انه يمكن لمس توجه جديد في شعر النثر النسوي الأردني والعربي على حد سواء.

مها العتوم: شاعرة وأكاديمية أردنية تعمل في الجامعة الأردنية في مركز اللغات برتبة أستاذ.
صدر لها: دوائر الطين: ديوان شعر،١٩٩٩، -نصفها ليلك: ديوان شعر ٢٠٠٦، الأردن. -أُشبه أحلامها: ديوان شعر،٢٠١٠، -أسفل النهر: ديوان شعر، ٢٠١٤، عمان. ولها ديوان جديد صدر عن الدار الأهلية بعنوان: "غُرَف علوية" ٢٠١٩. لها مختارات شعرية بعنوان: "حياتيَ ذاكرة والكتابة نسيانها"، صدر عن دار العائدون للنشر ٢٠٢٠.

Credits مها العتوم/ شاعرة وأكاديمية أردنية May 19 2021

لقد أثر الربيع العربي بشكل أو بآخر على الشعر العربي الحديث وتأثر به، ولم ينفصل عنه منذ اللحظة الأولى، حيث استخدم المتظاهرون الشعر في الهتافات وفي التعبير عن طموح الحرية، واستعادوا عددا من الأصوات الشعرية العربية التي طبعت فترة من فترات الحراك الثوري العربي في الماضي، مثل أبيات أبي القاسم الشابي المشهورة:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلا بدّ أن يستجيب القدرْ
ولا بدّ لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر

وقول أحمد شوقي:

وللحريّة الحمراء باب
بكل يدٍ مُضرّجة تدقّ

وهناك الطرف الآخر من العلاقة المتمثل في كتابة شعر يتجاوب مع الحدث الثوري ويرتبط به، فكتب الكثير من الشعراء قصائد تتمثل الأحداث في بلادهم أو في الوطن العربي ككل، ولعل أهمية هذا الأمر تتمثل في استعادة الشعر لعلاقته مع الحياة والناس والاتصال بهمومهم والتعبير عنهم، بعد أن مرّ زمن على ابتعاد الشعر عن حياة الناس، وابتعاد الناس عن العلاقة القديمة الوثيقة بالشعر. لكن كثيرا من هذا الشعر كان ذا طابع جماهيري تقريري مباشر، ولم يرق إلى المستوى الفني الذي يمكن أن تتوفر له فرصة الابتعاد عن الحدث، وتأمله من بعيد، والكتابة عنه بصورة ناضجة كما ينبغي للشعر إذا أُريد له البقاء والخلود.

ولقد تأثر الشعر في الأردن بما تأثر به في الوطن العربي ككل، مع أنه لم يشهد ربيعا بالمعنى الذي شهدته الأقطار العربية المجاورة، إلا أن أبرز آثار العربي في الوطن العربي عموما وفي الأردن خصوصاً يتمثل في ارتفاع سقف التعبير من خلال الشعر عن الذات وهمومها وأحلامها وانكساراتها، ولعل مطلب الحرية الموجود أصلا كشرط للإبداع، صار يتسع ويتخذ أنماطا وصورا غير مباشرة، تتمثل في مواضيع جديدة للكتابة عنها، وأشكالا وصورا فنية حديثة لم تكن ممكنة من قبل. وهو ما نجد آثاره في قصيدة النثر العربية والأردنية النسوية.

ولا بد من الإقرار بداية بأن الإبداع قناة من قنوات فهم الذات وتقديم رؤيتها للعالم من حولها، وهذا ما يجعل خصوصية لكل كاتب عن بقية الكتاب، ولا بد بالضرورة أن تقدم الكاتبة رؤيتها الخاصة والمميزة التي ليس بالضرورة النظر إليها على أنها امتياز، كما لا يجوز النظر إليها على أنها أقلية وانتقاص، خاصة إذا كان تعبير المرأة في العصر الحديث يحمل في طياته إرثا تاريخيا طويلا من التهميش والإقصاء لصالح الرجل، وهو ما ينطبق على الحياة الاجتماعية وينسحب على الحياة الثقافية بالضرورة، وما سيظهر في قصيدتها بصورة أو بأخرى، وفي النهاية فإن المرأة تعبر عن هواجسها ورؤاها كإنسانة أولا، وكامرأة ثانيا، وكشاعرة أولا وثانيا وثالثا، وهذا ما عبرت عنه لطيفة الزيات في شهادتها الإبداعية حين قالت "في الأعمال الإبداعية أكتشف رؤيتي للحياة وأبلورها، أخلع أقنعتي فلا أبقي شيئا سوى وجه الحقيقة العاري. أبدد أوهامي عن الذات ستارا بعد ستار، أعلو على توجساتي ومخاوفي، أحس، أجرؤ، أنطق صدقا، ولو على ذاتي، أكون المرأة الخائفة المقدامة، الضعيفة القوية، الهشة الصلبة، المتمزقة بين العقل والوجدان، التي هي أنا، كتاباتي الإبداعية تعرفني وتعرّفني، وما يصدق علي يصدق على كل امرأة عربية مبدعة([1]).

ولا شك أن غياب المرأة العربية الشاعرة عن الحضور الفاعل في القصيدة العمودية الكلاسيكية له ما يبرره، مع أن هناك عددا كبيرا من الشاعرات في عصور الكتابة العربية المختلفة ممن كتبن هذه القصيدة، واشتهرت كثير منهن مثل الخنساء، لكن هذه القصيدة اتخذت صفة الفحولة والذكورة وارتبطت بالرجل أكثر من المرأة، وظلت كتابة الشاعرة العربية عموما لها بشروط ومعايير الفحولة الذكورية، فتتأثر بكتابة الشعراء في الأشكال والمضامين، واستمرّ الأمر كذلك حتى أوائل القرن العشرين حين افتتحت الشاعرة العراقية نازك الملائكة شكلا شعريا عربيا جديدا وهو قصيدة التفعيلة، "نازك المرأة الأنثى التي حطمت أهم رموز الفحولة وأبرز علامات الذكورة وهو عمود الشعر([2]) ، وشكل قصيدة التفعيلة شكل لا نظير له مباشرا لدى الغرب، وكانت نازك الملائكة أول من كتب بهذا الشكل هي والشاعر بدر شاكر السياب، وأصدرت كتابا تنظيريا سمته "قضايا الشعر الحديث" ١٩٦٢، وفيه فصّلت النظر في قصيدة التفعيلة والتنظير لها، كما كتب بهذا الشكل الشعري الجديد الكثير من الأسماء العربية المرموقة مثل أدونيس ومحمود درويش وأمل دنقل، وفدوى طوقان، إلا أن هذا الشكل بشكل عام لم يشهد إقبالا من المرأة العربية الشاعرة، خاصة إذا ما قيس بإقبالها على قصيدة النثر.

ويمكن القول إن قصيدة النثر مثلت شكلا انشقاقيا في الشعر العربي الحديث، بل إنها شكل انقلابي إذا صح القول، حتى وإن كانت لها بوادر تاريخية قديمة في الشعر العربي وفي النثر العربي، إلا أنها بصيغتها النهائية في ستينيات القرن العشرين وفي ظل الظروف العربية السياسية والاجتماعية والثقافية شكلت مظهرا من مظاهر التحديث والتجديد والانقلاب على القصيدة العمودية أو الكلاسيكية التي استمرت منذ العصر الجاهلي إلى اليوم، وعلى قصيدة التفعيلة كذلك. ولعل هذا التمرد الجذري الشكلي والمضموني لقصيدة النثر على القصيدة الكلاسيكية يمثل أحد أهم الأسباب الوجيهة لكتابة المرأة لهذا النوع، ذلك أن القصيدة العمودية الكلاسيكية ارتبطت بالفحولة وبالرجل بالإضافة إلى الخصائص الأسلوبية الأخرى التي تمثل أسبابا ترجيحية لتوجه المرأة لكتابته دون غيره، أو أكثر من غيره إذا أردنا الدقة.

لقد كان حضور المرأة العربية الكاتبة في النثر عموما أكثر من الشعر، وهناك عدد كبير من القاصات والروائيات العربيات والأردنيات إذا ما قيس بالعدد الأقل من الشاعرات، ولعل هذا ينطبق على المرأة غير العربية كذلك، ولعل السبب الأساسي في هذا هو علاقة المرأة بالنثر وارتباطها التاريخي بالتفاصيل، وهو ما جعلها حكّاءة أكثر مما هي شاعرة، ولذلك حتى حين كتبت الشعر فإنها اختارت الشكل الأقرب إلى النثر والتفاصيل وهو قصيدة النثر.

وبالتالي فإن الانشقاق والتميز والاختلاف بالإضافة إلى اقتراب هذه القصيدة من النثر، واستخدامه في كتابة القصيدة كانا أهم عاملين لتوجه المرأة العربية للتعبير بواسطته، كما أن هناك عاملا ثالثا برأيي الخاص، وهو أن الشعر بشكل عام هو نوع أدبي ذاتي أكثر من الفنون الأخرى، ومن الأنماط الكتابية الأخرى، ولذلك من المتوقع أن تبتعد المرأة عن هذا النوع وتخشاه، لأن فيه جانبا كاشفا يمكن أن يكون فاضحا في كثير من الأحيان في ظل المجتمعات الذكورية المتطرفة، لكن التغيير الذي أصاب المجتمعات ومنها المجتمع العربي إلى حد ما وكذلك استخدام قصيدة النثر للنثر، وانفتاح آفاقه للتعبير عن التفاصيل وعن اليومي والهامشي وتحويله إلى شعر باستخدام النثر جعل بالإمكان استخدامه من قبل المرأة لعرض قضاياها بأدواته المتنوعة وآلياته التعبيرية والفنية والجمالية، وكثرت الشاعرات اللواتي يكتبن هذا الشكل الشعري بشكل لافت، وخاصة في العشرين سنة الأخيرة وكذلك عدد المجموعات الشعرية النثرية التي تصدر لهن عن دور النشر المختلفة. يقول صلاح فضل عن كتابة المرأة العربية لقصيدة النثر: "أول ما يتبادر إلى الذهن الآن أن هذا الجنس المهجن الجديد قد أصبح أكثر الأشكال الفنية تلاؤما واتساقا مع (صوت المرأة) الحاد الرفيع، الذي أخذ يشق فضاء الثقافتين العربية والعالمية، ويزاحم أصوات الرجال الجشة وإيقاعاتهم الخشنة المسرفة([3]).

وليس من السهل سرد أسماء الشاعرات العربيات والأردنيات وأسماء مجموعاتهن الشعرية، لكثرتها من جهة، ولحاجتها إلى دراسة استقصائية لخصائصها الفنية والجمالية من جهة أخرى، وهي تقل كميا عن إنتاج الشعراء ولكنها لا تقل فنيا وجماليا، كما أنها أوجدت خصائص لقصيدة النثر التي تكتبها، تتقاطع مع الرجل أحيانا، وتختلف عنه وتتميز عليه في كثير من الأحيان، فهناك آليات عامة ومشتركة في كتابة قصيدة النثر عند الرجل والمرأة إلا أن لدى المرأة خصوصيتها وجدّتها التي "تعزى إلى أن المرأة الشاعرة أضحت على علاقة وطيدة بنصها المكتوب، ودخلت منطقة التجريب الشعري بكل عنفوانها الذهني والإبداعي، بعد عصور من الصمت اللاإرادي([4]).

ويمكن القول إن ستينيات القرن العشرين تؤرخ لظهور قصيدة النثر العربية وولادتها الرسمية في مجلة "شعر" التي أشرف على تأسيسها كل من الشاعر العربي الكبير أدونيس والشاعر يوسف الخال، وأصدرا بيانات قصيدة النثر العربية من خلالها، كما يمكن القول إن قصيدة النثر النسوية قد ظهرت في هذه المرحلة ومن خلال مجلة "شعر" التي نشرت فيها الشاعرة سنية صالح قصائدها، وأصدرت أول دواوينها بعنوان "الزمان الضيق" عام ١٩٦٤، وجدير بالذكر هنا أن سنية صالح هي زوجة الشاعر المعروف محمد الماغوط الذي كان أحد أركان مجلة شعر، وأخت الناقدة المعروفة خالدة سعيد زوجة الشاعر أدونيس، وعلى الرغم من أن سنية كانت في ظرف حداثي استثنائي وفي جو ثقافي لبناني منفتح، إلا أنها تعرضت للإقصاء والتهميش الذي اعترف به زوجها الشاعر محمد الماغوط بعد وفاتها، وأشارت إليه بشكل غير مباشر كذلك أختها خالدة سعيد في دراستها النقدية عن شعرها* وتتالت الشاعرات والدواوين الشعرية إلى اليوم على امتداد الوطن العربي، وهناك الكثير من البصمات الخاصة والهامة لكثير منهن من كافة الأقطار العربية مثل سلوى النعيمي وظبية خميس ولينا الطيبي وميسون صقر وإيمان مرسال وفاطمة قنديل وليانا بدر وفاطمة محمود وعناية جابر وآمال موسى وثريا مجدولين...

وفي الساحة الثقافية الأردنية التي لا تنفصل عن الساحة الثقافية العربية "تبين أن مساهمة الكاتبات الأردنيات في مجال الشعر حتى عام ٢٠٠٣ كانت ٨٩ ديوانا من أصل ٢٠٣ مجموعات شعرية، منها ٣٠ ديوانا قبل عام ١٩٧٨، ومن أبرز هؤلاء الشاعرات المحدثات: زليخة أبو ريشة، مها العتوم، نبيلة الخطيب، رانة نزال، نوال العلي...ومن الجيل السابق: مي صايغ، ثريا ملحس، سلوى السعيد، هيام دردنجي([5]). وهذه الدراسة قام بها الناقد عام ٢٠٠٣ لمجلة تايكي الأردنية المختصة بالأدب النسوي والتي كانت تصدر عن أمانة عمان الكبرى، وتلاها عدد كبير من الشاعرات والدواوين خلال السبعة عشر عاما التالية، بل إن أعداد الدواوين النسوية تضاعفت وكثرت بشكل ملحوظ. كما أن النوع قد صار يحتل مكانة كبيرة إلى جوار الكم، وقدمت الكثير من الشاعرات إنتاجا مميزا، وأذكر على سبيل التمثيل لا الحصر وفي قصيدة النثر تحديدا: جمانة مصطفى، وسنابل قنو، ومريم شريف، وسناء الجريري ولانا المجالي ممن لم ترد أسماءهن لدى نزيه أبو نضال. وهناك من الأسماء الرائدة في قصيدة النثر التي لم يذكرها كذلك الشاعرة أمينة العدوان التي أصدرت عددا كبيرا من الدواوين في قصيدة النثر منذ مطلع الثمانينيات.

ولا بد من القول إن قصيدة النثر لدى المرأة الأردنية تحمل خصائص فنية وموضوعية متميزة لا تقل أهمية قصيدة الرجل، بل إنها تمتلك خصوصية في كثير من الأحيان.

تقول جمانة مصطفى:

نقلت الأحزان إلى خزانة أصغر
أخرجت الأمنية الوحيدة إلى الشمس
وسألت الغفران وأنا راكعة ببابه
أن هل اكتملت
ألن تعود ناقصا لتقول
ظل دين منسي في عنقك
سأستده من قلبك الجديد
وسألت الجنون وأنا خارجة من اسمه
أن هل اكتفيت
ألن تستدعيني لتقول
ظلت بقعة صغيرة لم تمسحيها
وسألت الوحدة حين ودعتها
ألن تعودي لزيارتي
صديقتي الهادئة
وأنت أيها الخوف المتردد
أراحل؟
قال بلى
إنما نسخت مفتاح الباب

وتقول الشاعرة سنابل قنو:

أركض إلى الأمومة
إلى لحظة يتسلق صدري
جوع الطفولة
إلى ليل يُسرق
بملء البراءة وشراسة البقاء
إلى حروف تجيء
من الغاب
حفيف ومواء وزئير
إلى وجه يعكس
ضحكة الرب
وهو ينحت ملامح لذيذة
لها رائحة الطين أول المطر

...

أركض إلى أمومة
تهندم أسئلة
تبرر الأرق في رحلته الأبدية
بماذا فكر الخالق
ليكون حرّا أمام فعلته

ونجد أولا هنا لدى جمانة مصطفى نص مكتمل البناء فنيا وموضوعيا، لا يحتفل بالبلاغة ولكنه يصنع من صورة بسيطة نصا شعريا، ويحتفل بالمشاعر الإنسانية البسيطة: الحزن والجنون والوحدة، ولكنه يترك الباب مواربا للفرح والحياة التي لا تخلو من هذه المشاعر، ويتخذ من الأسئلة ما يصنع الإيقاع الداخلي للحروف والأصوات والكلمات ويشكل تعويضا عن غياب الوزن والإيقاع الخارجي، بل بديلا فنيا وجماليا يجعل من الكلام العادي والبسيط شعرا، ويؤسس لشعرية القصيدة وشرعيتها الجمالية، كما تنطوي اللغة على عنصري الدهشة والإيقاع الضروريين لكتابة قصيدة محكمة البناء.

وفيما يخص المضامين تتناول سنابل قنو هنا تجربة الأمومة من زاوية الانخراط في التجربة لا الوصف الخارجي لها كما قد يفعل الشاعر الرجل، وهو ما يعني أن المرأة تعبر عن خصوصيتها، وتجاربها التي لا يشاركها فيها الرجل، وهو موضوع لم تكن تطرقه الشاعرات في القصيدة العمودية لأنها كانت محكومة بأغراض الشعر الكبرى وشروطه الفحولية: الفخر، والمدح، والرثاء والهجاء والغزل، بل إن الشاعرة هنا تعد تجربة الأمومة تجربة تستحق الركض باتجاهها، والاستمتاع بها، وهنا يضحك الرب، وينحت ملامح لذيذة لصنعته، وهذه الملامح لها رائحة الطين أول المطر، كما يمتاز هذا النص بالجرأة وطرح أسئلته الخاصة الحرة، ويحمل فلسفة هذه المرأة الشاعرة وأسئلتها ومفرداتها الجديدة التي تدخلها إلى الاستخدام الشعري لأول مرة مثل: (المهندمة).

هذه شذرات قصيرة من قصيدة النثر عند شاعرات أردنيات أردت بها التمثيل لا الدراسة الفنية الوافية، وذلك لعدم اتساع المجال لذلك في مثل هذه القراءة البانورامية، ولكن هذه النصوص القصيرة والمجتزأة من قصائد كاملة تعكس فهما عميقا للأسس التي تقوم عليها قصيدة النثر حسب سوزان برنار مؤسسة قصيدة النثر الغربية، والتي كانت الأساس لقصيدة النثر العربية عبر نقل مفاهيم الكتاب من خلال مجلة "شعر" حيث عرّفت هذه القصيدة بقولها:" قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، موحدة، مضغوطة، كقطعة من بلور...خلق حر، ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجا عن كل تحديد، وشيء مضطرب، إيحاءاته لا نهائية([6])، وكذلك مراعاة شروط هذه القصيدة وأسسها التي تقوم عليها وهي: الإيجاز والتوهج والمجانية. وأردت بهذا التعريف التأكيد على فهم الشاعرات لقصيدة النثر، وامتلاكهن أدوات كتابتها، بالإضافة إلى خصوصية كل شاعرة منهن، وتميزها في كتابة قصيدتها فنيا وجماليا وموضوعيا.


([1]) لطيفة الزيات: شهادة مبدعة، أدب ونقد، العدد ١٣٥، نوفمبر، ١٩٩٦، ص١٨.

([2]) عبدالله الغذامي، تأنيث القصيدة والقارئ المختلف، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط٢، ٢٠٠٥، ص ١٢

([3]) صلاح فضل، قراءة الصورة وصور القراءة، دار الشروق، القاهرة، ط١، ١٩٩٧، ص ١٠٧

([4]) عبدالله السمطي، انبثاق قصيدة النثر النسوية، مجلة نزوى، ٣١/١٠/٢٠٢٠.

([5]) نزيه أبو نضال، حدائق الأنثى:دراسات نظرية وتطبيقية في الإبداع النسوي، دار أزمنة، عمان، ط١، ٢٠٠٩، ص١٤، ١٥.

([6]) سوزان برنار، جمالية قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا، ترجمة: د.زهير مجيد مغامس، مطبعة الفنون، بغداد، ص ١٦.

Like what you read?

Take action for freedom of expression and donate to PEN/Opp. Our work depends upon funding and donors. Every contribution, big or small, is valuable for us.

Donate on Patreon
More ways to get involved

Search