قصائد مختارة للشاعر ميزر كمال
ميزر كمال شاعر وصحفي عراقي، كاتب ضيف في مدينة ستوكهولم السويدية. هذه القصائد تمت ترجمتها خلال ورشة عمل في مدينة أوميو شمال السويد، أثناء أيام المهرجان الأدبي في المدينة ١٧ و ١٨ آذار. أقيمت الورشة بالتعاون بين المهرجان ومنظمة المدن الحرة
واتحاد الكتاب السويدي (ICORN)
ألقيت القصائد في أمسية خاصة يوم الجمعة بعد انتهاء الورشة. تنشر مجلة بين / آب القصائد الأربعة هذه كاملة بمناسبة يوم الشعر العالمي ولكونها شهادة على مآسي الحروب التي تلقي بظلالها على العالم اليوم. وبخصوص قصيدة (فمي حقل زهور) فقد تمت ترجمتها بصورة حرة بموافقة الشاعر.
أنا الذي نجوتُ من الحرب
أنا الذي نجوتُ من الحرب
أخافُ من الألعابِ النارية
وأخافُ من الحشود
أخافُ من الأزياءِ العسكريةِ في متاجر الألبسة
ومن الجنودِ الواقفينَ على رؤوسِ الطرقات.. أخاف
ومن الطرقات
أخافُ من النوافذِ حينَ تتسللُ منها أصواتُ الطائرات
أخافُ من سيارات الإسعاف، والأطباء
أخافُ من الصليب الأحمر، واللافتاتِ السوداءِ على الجدران
وأخاف من الجدران أيضاً
أخافُ من الخيمةِ، والمنظمات الإغاثية
وأخافُ من العَلَمِ، والنشيدِ الوطني، ونشرات الأخبار
أنا الذي نجوتُ من الحرب
أخافُ من الحقائب، وجوازات السفر، والمطارات
أنا الذي نجوت
أخاف من الرحيل
***
فمي الذي صار مقبرة
قبلَ الحرب
كنتُ كثيراً جداً
أبلغُ من العمر مئات الأصدقاء
فمي كان حقلاً من الأزهار
وكنتُ أركضُ في الشوارع
وأُنادي الأطفال
كلَّما قلتُ اسماً
تَفتَّحت في فمي وردة
جاءت الحرب
فأصبحتُ قليلاً
وصار فمي مقبرة
أدفن فيه أسماء اصدقائي الذين يموتون
وهكذا..
مات الكثير منهم
حتّى صار فمي مقبرةً كبيرة
كبيرةً جداً
***
الترجمة الحرفية لقصيدة فمي ... من السويدية
فمي
قبل الحرب كنت أركض في الشوارع
وأنادي أصدقائي
على لساني كانت تتفتح زهرة
كلما ناديت اسم أحدهم
فمي صار في النهاية حقل زهور
حين جاءت الحرب
صار فمي مقبرة
فيها دفنت أصدقائي الذين ماتوا
كانوا كثر
فمي صار مقبرة كبيرة
مقبرة كبيرة جدا
***
قلبي المحكوم بالموت
السماءُ فضيةٌ هذه الليلة، وكئيبة
تترهلُ على رؤوس البنايات العالية
البنايات التي تقف طوال الوقت واجمةً وعالية
البنايات التي تشبه قلبي هذا المساء
قلبي الذي يشبه البنايات العالية
التي تقف واجمةً ووحيدة
قلبي الفضّي الكئيب
المريض بالحنين والأغنيات الضائعة
إنَّه يزعجني الآن، ويؤلمني
إنَّه ثقيلٌ في صدري مثل ورمٍ خبيث
وباردٌ كقطعةٍ من جليد
آه يا قلبي الفضي الكئيب
يا قلبي المريض بالحنين والأغنيات الضائعة
يا قلبي الثقيل مثل ورمٍ خبيث
والبارد كقطعةِ جليد
يا قلبي المحكوم بالموت
***
إلى أونوكا.. عازف الناي الكسول
نحن الكسالى
لا نُفَكّرُ بالغد.. ولا يهمّنا كثيراً أن يأتي
على عكس الآخرين تماماً
لا نصلي للآلهة حتى ينزل المطر؛ وتكبر مزارع اليام
نحبُّ مواسمَ الشمس والارتحال
والرفقة الجيدة
فقراء نعم
لكننا ممتلئون بالموسيقى والغناء
ومبذّرون باحتساء النبيذ
نبيذ النخيل
وهذا كان كافياً لتكرهنا الآلهة، ويطردنا المؤمنون من مجالسهم
مثل سربٍ من الحِداء
نهجر الأكواخ ونعود إلى الغابة
عندما يهزمُ الجفافُ آلهةَ الكهوف
هنالك نغنّي للعائدين إلى بشريَّتهم
ونَتَمَرَّى بالزُرقَة الواضحة
نحن الكسالى
نفشل دائماً في الحصول على لقبٍ وعائلة
وجبناء جداً عندما يتعلَّق الأمر بالحروب
ورثنا عن الأجداد حِكْمَتهم العالية
وتنازلنا عمَّا تبقى من الفؤوس والحراب
ندخل القرى عازفين
نحمل الناي والأوجيني
نُضيءُ بالغناء ليل القبائل الموحش
هكذا حتى يُكمل الفرحُ دورتَه
وتجيء الليالي المقمرة
نحن الكسالى
عندما نرحل عن قرية فقيرة
تحزن العجائز
ويبكي الأطفال
لكننا على عكس الآخرين
لا نفكر بالغد
ولا يهمنا كثيراً أن يأتي