حلم ايكاروس
ظننتني أمتلكُ القدرةَ على الطيران
أو هذا ما أوهمتني به الأجنحة.
عندَ القفزةِ الأولى صعدَ كل شيٍ نحو سماءٍ تعجُ بالصواريخ،
وسَقطتُ أنا في واقعٍ مجرمٍ تعزلني عنه المخيلةُ طيلةَ الوقت.
يسألُني ذهنيَ المشوش هل أنا بخير؟
ما معنى أن أكون بخير؟
تختلطُ اللغةُ عليَّ.
للغةِ واقع موازٍ يشبه واقعنا هذا،
تُعتقل، تُقتل وتُعامل بعنصريةٍ مفرطة.
إن استخدمتْ الكلماتَ بدلَ الدموعِ للبكاء، ماذا ستستخدم هي؟
ما معنى أن أكون بخير؟
ما الخيرُ في كل هذا؟
أن تحيا يعني أن تعلَقَ و تتورطَ أكثر في المجزرة،
وهكذا تورطت.
ما الذي أُدافع عنه؟
تُقَسِمونَ الضحايا الى فِرقٍ
كما نفعلُ في مباراياتِ كرةِ القدم.
عددُ الجثثِ لا يُحددُ المجرم.
الرواياتُ كلَّها غيرُ صحيحةٍ.
الأرضُ الغارقةُ بدماءِ الغرباءِ و دماءِ أولادَها،
لا تريدُ التورطَ أكثر.
هل سأل أحدهم الكرةَ عن رأيها؟
أن تحملَ كاميرا لا يجعلُكَ حرا.
أن تكتبَ وتدافعَ لا يجعلُكَ حرا.
أن تُهدْهِدَ جثةَ طفلٍ لا يجعلُكَ حرا.
كيف أكونُ حرا إذن؟
تسألُني طِفلتي، و تحتفظُ أجوبتي كلَها بصمتها.
أرجعُ خطوةً للوراء.
الرجوعُ لمنطقةِ الاله أصمتُ مثله .
لن ألعنَ صمتهُ أو أُبرره.
أنا منهكٌ .
الانتظارُ يمتصُ رُوحي أكثرَ وأكثر.
أجنحتي المنتوفة تسيرُ خلفي بولاءٍ مُفرط.
تظنني سأعيدها إليَّ.
ولا أظنني سأفعل شيئا مطلقا.
أصمتُ. ويُرددون:
الصامتُ عن الحقِ شيطانٌ أخرس.
أضحكُ،
لا يوجدُ في هذا العالم من هو أكثرُ شيطنةً من البشر.
- ألسنا بشر!
تُحاصرني ابنتي بالاسئلة.
كي أكونَ حرا عليَّ تحريرُ لغتي أولا.
عليَّ أن أصمت ،
أدس الجثثَ كلُها في فمي؛
أُطعهما وأرعاها علّها تعود مجددا.